73 - باب حسن الخلق
قال اللَّه تعالى (القلم 4): {وإنك لعلى خلق عظيم}.
وقال تعالى (آل عمران 134): {والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس} الآية.
621 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كان رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أحسن الناس خلقاً. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
622 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: ما مسست ديباجاً ولا حريراً ألين من كف رَسُول اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم، ولقد خدمت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عشر سنين فما قال لي قط أف، ولا قال لشيء فعلته: لم فعلته؟ ولا لشيء لم أفعله: ألا فعلت كذا؟ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
623 - وعن الصعب بن جثامة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: أهديت إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم حماراً وحشياً فرده علي. فلما رأى ما في وجهي قال: إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم متفق عَلَيهِ.
624 - وعن النواس بن سمعان رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: سألت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عن البر والإثم. فقال: البر حسن الخلق. والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس رواه مُسلِمٌ.
625 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: لم يكن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فاحشاً ولا متفحشاً، وكان يقول: إن من خياركم أحسنكم أخلاقا متفق عَلَيهِ.
626 - وعن أبي الدرداء رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق، وإن اللَّه يبغض الفاحش البذِيّ رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وقال حديث صحيح.
البذِيّ هو: الذي يتكلم بالفحش ورديء الكلام.
627 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: سئل رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة. قال: تقوى اللَّه، وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار. فقال: الفم، والفرج رواه التِّرمِذِيُّ وقال حديث صحيح.
628 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً، وخياركم خياركم لكم تفق التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صحيح.
629 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت سمعت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم رواه أبو داود.
630 - وعن أبي أمامة الباهليرَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه حديث صحيح رواه أبو داود بإسناد صحيح.
الزعيم: الضامن.
631 - وعن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون، والمتشدقون، والمتفيهقون!فقالوا: يا رَسُول اللَّهِ قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
و الثرثار هو: كثير الكلام تكلفاً.
و المتشدق: المتطاول على الناس بكلامه ويتكلم بملء فيه تفاصحاً وتعظيماً لكلامه.
و المتفيهق أصله من الفهق وهو: الامتلاء وهو الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه ويغرب به تكبراً وارتفاعاً وإظهاراً للفضيلة على غيره.
وروى الترمذي عن عبد اللَّه بن المبارك رحمه اللَّه في تفسير حسن الخلق قال: هو طلاقة الوجه، وبذل المعروف، وكف الأذى.
74 - باب الحلم والأناة والرفق
قال اللَّه تعالى (آل عمران 134): {والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}.
وقال تعالى (الأعراف 199): {خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين}.
وقال تعالى (فصلت 34، 35): {ولا تستوي الحسنة ولا السيئة، ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وما يلقاها إلا الذين صبروا، وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم}.
وقال تعالى (الشورى 43): {ولمن صبر وغفر، إن ذلك من عزم الأمور}.
632 - وعن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنهماُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم لأشج عبد القيس: إن فيك خصلتين يحبهما اللَّه: الحلم والأناة رواه مُسلِمٌ.
633 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: إن اللَّه رفيق يحب الرفق في الأمر كله متفق عَلَيهِ.
634 - وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: إن اللَّه رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه رواه مُسلِمٌ.
635 - وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنها أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: إن الرفق لا يكون إلا في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه رواه مُسلِمٌ.
636 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: دعوه وأريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين رواه البُخَارِيُّ.
السجل بفتح السين المهملة وإسكان الجيم: وهي الدلو الممتلئة ماء، وكذلك الذنوب.
637 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا متفق عَلَيهِ.
638 - وعن جرير بن عبد اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: من يحرم الرفق يحرم الخير كبر معناه مُسلِمٌ.
639 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رجلاً قال للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم أوصني. قال: لا تغضب رواه مراراً، قال: لا تعالى فقلت البُخَارِيُّ.
640 - وعن أبي يعلى شداد بن أوس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: إن اللَّه كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته رواه مُسلِمٌ.
641 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: ما خير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه، وما انتقم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم لنفسه في شيء قط إلا أن تنتهك حرمة اللَّه فينتقم لله تعالى. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
642 - وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: ألا أخبركم بمن يحرم على النار أو بمن تحرم عليه النار؟ تحرم على كل قريب هين لين سهل رواه التِّرمِذِيُّ وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.
75 - باب العفو والإعراض عن الجاهلين
قال اللَّه تعالى (الأعراف 199): {خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين}.
وقال تعالى (الحجر 85): {فاصفح الصفح الجميل}.
وقال تعالى (النور 22): {وليعفوا وليصفحوا، ألا تحبون أن يغفر اللَّه لكم؟}.
وقال تعالى (آل عمران 134): {والعافين عن الناس، والله يحب المحسنين}.
وقال تعالى (الشورى 43): {ولمن صبر وغفر، إن ذلك من عزم الأمور} والآيات في الباب كثيرة معلومة.
643 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها أنها قالت للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك! وكان أشد ما لقيته منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد يالِيلَ بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي وإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل عليه السلام فناداني فقال: إن اللَّه تعالى قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد إن اللَّه قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربي إليك لتأمرني بأمرك، فما شئت إن شئت أطبقت عليهم الأخشبين. فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: بل أرجو أن يخرج اللَّه من أصلابهم من يعبد اللَّه وحده لا يشرك به شيئا متفق عَلَيهِ.
الأخشبان: الجبلان المحيطان بمكة. و الأخشب هو: الجبل الغليظ.
644 - وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: ما ضرب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم شيئاً قط بيده، ولا امرأة، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل اللَّه، وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم اللَّه تعالى فينتقم لله تعالى. رَوَاهُ مُسلِمٌ.
645 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كنت أمشي مع رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته. ثم قال: يا محمد مر لي من مال اللَّه الذي عندك. فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
646 - وعن ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كأني أنظر إلى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يحكي نبياً من الأنبياء صلوات اللَّه وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون متفق عَلَيهِ.
647 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب متفق عَلَيهِ.
76 - باب احتمال الأذى
قال اللَّه تعالى (آل عمران 134): {والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين}.
وقال تعالى (الشورى 43): {ولمن صبر وغفر، إن ذلك من عزم الأمور}.
وفي الباب الأحاديث السابقة في الباب قبله.
648 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن رجلاً قال: يا رَسُول اللَّهِ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من اللَّه تعالى ظهير عليهم ما دمت على ذلك رواه مُسلِمٌ. وقد سبق شرحه في باب صلة الأرحام (انظر الحديث رقم 318) .
77 - باب الغضب إذا انتهكت حرمات الشرع والانتصار لدين اللَّه تعالى
قال اللَّه تعالى (الحج 30): {ومن يعظم حرمات اللَّه فهو خير له عند ربه}.
وقال تعالى (محمد 7): {إن تنصروا اللَّه ينصركم ويثبت أقدامكم}.
649 - وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال جاء رجل إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فقال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان، مما يطيل بنا! فما رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ. فقال: يا أيها الناس إن منكم منفرين، فأيّكم أم الناس فليوجز؛ فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة متفق عَلَيهِ.
650 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت: قدم رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل، فلما رآه رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم هتكه وتلون وجهه. وقال: يا عائشة أشد الناس عذاباً عند اللَّه يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله معناه عَلَيهِ.
السهوة: كالصفة تكون بين يدي البيت.
القرام بكسر القاف ستر رقيق.
و هتكه: أفسد الصورة التي فيه.
651 - وعنها رَضِيَ اللَّهُ عَنها أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا: من يكلم فيها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم؟ فقالوا: من يجترئُ عليه إلا أسامة بن زيد حب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم. فكلمه أسامة فقال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: أتشفع في حد من حدود اللَّه تعالى؟!ثم قام فاختطب ثم قال: إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأَيْمُ اللَّه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها متفق عَلَيهِ.
652 - وعن أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم رأى نخامة في القبلة فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجهه فقام فحكه بيده، فقال: إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه وإن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم قبل القبلة، ولكن عن يساره أو تحت قدمه ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض فقال: أو يفعل هكذا متفق عَلَيهِ.
والأمر بالبصاق عن يساره أو تحت قدمه هو فيما إذا كان في غير المسجد، فأما في المسجد فلا يبصق إلا في ثوبه.
78 - باب أمر ولاة الأمور بالرفق برعاياهم ونصيحتهم والشفقة عليهم والنهي عن غشهم والتشديد عليهم وإهمال مصالحهم والغفلة عنهم وعن حوائجهم
قال اللَّه تعالى (الشعراء 215): {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين}.
وقال تعالى (النحل 90): {إن اللَّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون}.
653 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهماُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته؛ وكلكم راع ومسؤول عن رحمة مرفوع عَلَيهِ.
654 - وعن أبي يعلى معقل بن يسار رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: ما من عبد يسترعيه اللَّه رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم اللَّه عليه الجنة فقال عَلَيهِ.
وفي رواية: فلم يحطها بنصحه لم يجد رائحة الجنة
وفي رواية لمسلم: ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لا يجهد لهم، وينصح لهم، إلا لم يدخل الجنة.
655 - وعن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنها قالت سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول في بيتي هذا: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق بهم رواه مُسلِمٌ.
656 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: كانت بنو إسرائيل تسوسهم الأنبياء، كلما هلك نبي خلفه نبي، وإنه لا نبي بعدي، سيكون بعدي خلفاء فيكثرون قالوا: يا رسول اللَّه فما تأمرنا؟ قال: أوفوا ببيعة الأول فالأول، ثم أعطوهم حقهم، واسألوا اللَّه الذي لكم فإن اللَّه سائلهم عما استرعاهم مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
657 - وعن عائذ بن عمرو رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه دخل على عبيد اللَّه بن زياد فقال: أي بني إني سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: إن شر الرعاء الحرقة بضم أن تكون منهم. مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
658 - وعن أبي مريم الأزدي رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ أنه قال لمعاوية رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: من ولاه اللَّه شيئاً من أمور المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم، احتجب اللَّه دون حاجته وخلته وفقره يوم القيامة فجعل معاوية رجلاً على حوائج الناس. رواه أبو داود والترمذي.
79 - باب الوالي العادل
قال اللَّه تعالى (النحل 90): {إن اللَّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى} الآية.
وقال تعالى (الحجرات 9): {وأقسطوا إن اللَّه يحب المقسطين}.
659 - وعن أبي هريرة رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: سبعة يظلهم اللَّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة اللَّه تعالى، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في اللَّه اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف اللَّه، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر اللَّه خالياً ففاضت عنكم متفق عَلَيهِ.
660 - وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنهماُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: إن المقسطين عند اللَّه على منابر من نور: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا رواه مُسلِمٌ.
661 - وعن عوف بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم، وتصلون عليهم ويصلون عليكم. وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم، وتلعنونهم ويلعنونكم!قال: قلنا يا رَسُول اللَّهِ أفلا ننابذهم؟ قال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة، لا، ما أقاموا فيكم الصدقة متفق مُسلِمٌ.
قوله: تصلون عليهم: تدعون لهم.
662 - وعن عياض بن حمار رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم يقول: أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم، وعفيف متعفف ذو عيال رواه مُسلِمٌ.
80 - باب وجوب طاعة ولاة الأمور في غير معصية اللَّه وتحريم طاعتهم في المعصية
قال اللَّه تعالى (النساء 59): {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا اللَّه، وأطيعوا الرسول، وأولي الأمر منكم}.
663 - وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنهُما عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم قال: على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره، إلا أن يؤمر بمعصية، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة متفق عَلَيهِ.
664 - وعنه رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ قال: كنا إذا بايعنا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم على السمع والطاعة يقول